الوسوم
مقدمة
موقف القانون الدولي إزاء مدينة القدس ضبابي، وهنا لا نتحدث عن الاحتلال ولا نتحدث عن حكم محكمة العدل الدولية الاستشاري الذي كان واضحاً، بل نتحدث عن المقررات الأخرى، وهذه الضبابية فيما يتعلق بموضوع القدس -حيث نادراً ما يشار الى اسم المدينة في المقررات الأساسية- هي التي أدت الى قيام الكيان الصهيوني باستثمار هذا الوضع الغامض الضبابي الى حد ما ويقوم بضم المدينة بالكامل والاستيلاء عليها ويفرض وجوده عليها.
لكن بالمقابل نجد أن غموض القانون الدولي ازاء القدس هو غموض “خلّاق” ويسمح بأكثر من حل ومن ضمنها الحل الذي ندافع عنه وهو أن المدينة كلها محتلة وهي مدينة عربية فلسطينية.
لا بد هنا أن ننظر في عدة موضوعات وهي تشكل حجج الفرقاء المختلفين (فلسطينيون، صهاينة، دوليون ..) فهناك من يسند سيادته على مدينة القدس بـ:
- الحق في تقرير المصير وخلافة وتوارث الدول؛
- الدفاع عن النفس وخواء السيادة؛
- السلطة الفعلية؛
- قرار التقسيم.
ولنبدأ بالحجة الأولى التي تعالج السيادة على مدينة القدس مستندة الى مبدأين في القانون الدولي هما:
- خلافة الدول
- والحق في تقرير المصير
ما هو مؤدى هذه المقاربة؟
أن فلسطين كانت خاضعة للإمبراطورية العثمانية وعندما زالت الامبراطورية العثمانية فانه ليس من الواضح ما هي الدولة التي سترث الامبراطورية العثمانية على القدس؛ هل هي الانتداب البريطاني؟ هل هي للفلسطينيين؟
وهذه مسألة جداً مهمة لأن الانتداب أدار اقليم وضعه كان خاضعاً لخلافة الدول وبالتالي إذا علمنا ما هي الجهة التي ورثت الاقليم الفلسطيني بما في ذلك القدس فان ذلك سيؤثر على مشروعية السيادة على القدس بمرحلة ما بعد الانتداب.
بمعنى أنه إذا كانت السيادة على القدس وعلى فلسطين قبل الانتداب هي للفلسطينيين فبعد الانتداب إذا ذهبت الى أية جهة أخرى سيكون ذهابها غير مشروع.
فمثلاً: هل تعد السيطرة البريطانية على فلسطين ممارسة للسيادة؟ بمعنى أن الانتداب هو الذي ورث السلطة العثمانية أم أن السيادة مقررة لعصبة الأمم وهي الجهة التي أُودِعت المهمة الحضارية للإقليم أم أنها مشتركة بين الطرفين أم أنها للفلسطينيين؟
لا توجد إجابة محددة على السؤال السابق وثمة خلاف قانوني بشأنها.
فإذا لم يكن واضحا الدولة الجديدة الخلف للإمبراطورية العثمانية ولا الجهة التي استقبلت السيادة (فلسطين، الأردن، الكيان الصهيوني…)، فإن الوضع بالنسبة للقدس أكثر تعقيداً لأن المجتمع الدولي في قرار التقسيم اتجهت إرادته إلى تدويل القدس وإنشاء دولتين، يعني ذلك أن مهمة الانتداب في فلسطين أن يقيم دولة عربية وصهيونية وأن يُدوّل مدينة القدس وهذا ما يسبب اشكالية فيما يتعلق بتحديد الجهة التي خلفت الامبراطورية العثمانية بالسيادة على القدس.
وهناك اتجاه آخر يقول إنه بعد الامبراطورية العثمانية حق تقرير المصير هو للفلسطينيين والسيادة لهم.
وهناك من يقول -أليسون- أنه بالرغم من عدم وضوح خلافة الدول على فلسطين فان ذلك لا يمنع من ثبوت سيادة الشعب الفلسطيني على كامل فلسطين بما فيها مدينة القدس كلها؛ لماذا؟ اتفاقية لوزان قالت تنشأ دول في الحدود الادارية وعصبة الأمم تحدثت عن Palestinian Nation وبالتالي السيادة كامنة في الشعب الفلسطيني وهو يملك سيادته على كامل التراب الفلسطيني بما في ذلك القدس.
يُستنتج مما سبق الآتي
- عدم وضوح خلافة الدول على فلسطين لا يمنع من ثبوت سيادة الشعب الفلسطيني على كامل فلسطين بما فيها مدينة القدس كلها؛
- عدم وضوح خلافة الدول يُصوّبُه بالنسبة للسيادة على فلسطين بما فيها القدس حق تقرير المصير وسيادة الشعب الفلسطيني عليها بموجب هذا الحق.